صحة الاقتصاد البريطاني ليست على ما يرام، وبدأت تشغل البال، الى درجة أن “بنك إنجلترا” المركزي أطلق أمس الخميس تحذيرا شديد اللهجة، من أن بلاد سادس اقتصاد في العالم، بدأت تواجه أطول ركود منذ عشرينيات القرن الماضي، فأعلن عن أكبر زيادة بأسعار الفائدة منذ 3 عقود، فرفعها الى أعلى مستوى منذ 15 سنة تقريبا، أي 0.75 نقطة مئوية إلى 3 % لكبح جماح التضخم.
ومما اتضح من تحليل لتوقعات البنك، مصدرها Resolution Foundation الشهيرة بدراساتها، أن العائلات أصبحت تواجه أسوأ ضغط منذ الحرب العالمية الثانية على دخلها الحقيقي، وهي قيمة الإيراد بعد التكيف مع التضخم، حيث سيكون متوسط الأسرة 800 إسترليني أسوأ حالًا العام المقبل، أي 900 دولار، لأن التضخم الذي يضعف قيمة الدخل، سيسبب خسارة تبلغ 66 إسترلينيا بالشهر في المتوسط، فتتأثر أفقر 10 % من الأسر بشكل أكبر لأنها تنفق ضعف موازنتها على الطعام والخدمات، بسبب ارتفاع الأسعار بوتيرة أسرع هذا العام.
وأسوا مما نسمعه في الفيديو أعلاه من Andrew Bailey محافظ “بنك إنجلترا” المركزي، هو ما ذكره أمس لقناة Channel 4 التلفزيونية ببريطانيا، من أن ساعات قليلة كانت تفصل البلاد عن تدمير وانهيار مالي شامل بعد القرارات التي اتخذتها رئيسة الوزراء السابقة، ليز ترا، وقال بيلي: “كانت الأسواق تتقلب، وهي رئيسية، أهمها سوق السندات الحكومية، والتي تؤثر على صناديق التقاعد (..) اضطررنا للتدخل بسرعة، وبدأ البنك يشتري السندات، فأنفق 19.3 مليار إسترليني لهذا الغرض” أي أكثر من 21 مليار دولار.
أما من تحليل ما يتوقعه البنك، فورد أن أكثر من 8 ملايين شخص سيواجهون ما متوسطه 3000 إسترليني إضافي لأقساط الـ mortgage المعروف عربيا باسم “أقساط الرهن العقاري” السنوية، عند انتهاء صلاحية عقودهم المحددة المدة، فيما ستتعرض أكثر من مليوني أسرة لضرر فوري من قرضها العقاري، لأنه متغير سعر الفائدة، فقد اقترضت بفائدة كانت ثابتة عند نسبة معينة، ووجدت الآن أن النسبة ارتفعت في وقت قل مدخولها.
بطالة تتضاعف وإسترليني ضعيف
كما توقع بنك إنجلترا، بناء على ارتفاع أسعار الفائدة فوق 5% مثلا، أن تواجه بريطانيا ركودا لعامين، قد يقلص النشاط الاقتصادي 3% تقريبا، ويضاعف البطالة من 3% إلى 6.5% تقريبا، وأن ينخفض الإسترليني 2% مقابل العملة الأميركية الخضراء، فيصل إلى 1.11 دولار، وفقا لما تلخص “العربية.نت” الوارد اليوم الجمعة بتقرير لصحيفة “التايمز” البريطانية، نقلت فيه عن المحافظ قوله إن زيادة المعدل كانت ضرورية لمنع التضخم من الخروج عن السيطرة.
غرافيك من التايمز البريطانية، عن الارتعفع الحاد بالفائدة من عام 2000 الى الحالي
وأصر المحافظ بيلي على أن الأسواق وتوابعها “كانت تبالغ بتقدير مدى ارتفاع أسعار الفائدة العام المقبل” لأنها ستبلغ برأيه أقل بكثير من ذروة 5.25% التي قام مستثمرون بتسعيرها، فيما المتوقع أن يصل التضخم الذي بلغ 10.1% بسبتمبر الماضي، إلى ذروته عند 11 % بنهاية العام، قبل أن ينخفض “بحدة” بدءا من صيف العام المقبل.